Abdelwahab M. Elmessiri

سيرة غير ذاتية للدكتور الفيلسوف الراحل عبد الوهاب المسيرى
خلاصة فلسفته وافكاره مستقاة من معرفته وخبرته الشخصية
حاول من خلالها ان يكون حياديا قدر الامكان هذا لا يعنى انه لا توجد انحيازات لاشعورية
كما لم يخلو الكتاب من بعض المصطلحات والتعريفات الاكادمية والنظريات الفلسفية التى تحتاج لمزيد من الشرح والتوضيح
تعرض فى هذه السيرة الى اهم وابرز مؤلفاته وعلى راسها الموسوعة


ومن خلال رحلته الى الولايات المتّحدة الأمريكيّة قام بدراسة علمية نقدية للمجتمع الامريكى فهو يراه مجتمع براجماتي عملي نفعي لا يشغل نفسه إلا بما يزيد من راحته وهنائه الماديين
مجتمع يسقط الخلفية التاريخية وإذا أبقاها فهي تظل على مستوى الحد الأدنى أو القشرة أو من قبيل الديكور ، وفي داخل هذا الإطار الفلسفي لابد وان ينشأ نمط إنساني يجسد هذه الصفات التي هي من وجهة نظر ه لا هي بالرذائل ولا بالفضائل لأنها قانون طبيعي يعلو على الخير والشر . انسان مؤمن بقدراته الخارقة للعادة على إخضاع أي شيء وعلى غزو البرية

كما ان فى هذا النظام الراسمالى الهدف من عملية الإنتاج هو الإنتاج ذاته بحيث يدخل المجتمع دائرة الإنتاج الآخذة في الاتساع اللانهائي

والأمريكي يستهلك دون تساؤل ، وهو لا يستفسر أبدًا عما إذا كان هذا الاستهلاك سيؤدي إلى سعادته الفردية أم لا فالسعادة الإنسانية ليست هي الهدف ، وهذا الإطار قد جعل من الأمريكي فريسة سهلة لسعار الحضارة الاستهلاكية

ويشير الى تشابه اساسى بين الوجدانين الأمريكي والصهيوني فى السياسة الإستعمارية الإستيطانة ويتوسع فى كتابه الفردوس الأرضي لتوضيح المزيد من انطباعاته عن الحضارة الأمريكية الحديثة والغربية بصفة عامه.

وسواء اتفقت أو اختلفت معه في هذا الرأي أو ذاك إلا ان تحليلاته تعد مفتاحاً هاما ًلمحاولة الفهم الواعى لمجريات الامور و الاحداث والاستراتيجيات السياسية

يتطرق للحديث عن الهوية اليهودية او الشخصية اليهودية
ويرى ان هذا التعريف عنصرى او صهيونى معاد لليهود,
يسقط عنهم انسانيتهم ويحولهم الى عبقريات فريدة او شياطين رجيمة فاليهود فى انحاء العالم ليسوا كتلة متماسكة وانهم جزء لا يتجزا من التشكيلات الحضارية التى يعيشون فى كنفها يتفاعلون معها تاثيرا وتاثرا مثلهم مثل الاقليات والاغلبيات
من هذا المنطلق يكون الحديث عن العبقرية اليهودية او الجريمة اليهوديه فيه كثيرا من الشطط
فهو لا يرى ان يهودية العضو فى الجماعة اليهودية مسؤلة عن العبقرية او الاجرام
لان هذا لا يفسر لماذا لم يظهر اينشتاين او كافكا فى يهود الفلاشا؟
او لماذا لم يظهر تنظيم مافيا يهودى فى اليمن كما حدث فى الثلاثينيات فى امريكا؟


كما ان نموذج معاداة اليهود بسقوطه فى التعميم الاختزالى يشكل فشلا اخلاقيا فهو لا يحاول التمييز بين الطيب والخبيث فالاخر هو شر متجسد بغض النظر عن سلوك بعض افراده وهذا تزييف للحقيقة و ادعاء بالباطل وغرق فى العنصرية التى تنمط البشر مسبقا وخرق لكل القيم الاخلاقية والدينية والانسانية

والادهى من ذلك ان هذا لا يفيد من الناحية العملية فقد ينجح نموذج المؤامرة فى تخويف الجماهير و تكريس العداء للصهيونية بل وتجنيدها ضده
ولكن بعد قليل سيواجه بما يبشر به وهو ان اليهود شياطين وقوة لا تقهر وانهم يحكمون سيطرتهم على العالم وايديهم الخفية فى كل مكان ومن ذا الذى فى استطاعته التصدى لقوة عجائبية كهذه؟



بعض التعريفات المهمة
المجتمع التراحمي والمجتمع التعاقدى

يوضح أن المجتمع التراحمي هو المجتمع الذي تقوم علاقاته على التراحم والتعاطف بين أفراده، على النقيض من المجتمع التعاقدي الذي تقوم العلاقات فيه على أساس تعاقدي ومصلحي.


الجماعة الوظيفية

الجماعات الوظيفية هي جماعة يستجلبها المجتمع من خارجه أو يجندها من داخله (من بين الأقليات الدينية والإثنية أو حتى من بعض القرى أو العائلات) ويوكل إليها وظائف شتى لا يمكن لغالبية أعضاء المجتمع الاضطلاع بها لأسباب مختلفة، من بينها رغبة المجتمع في الحفاظ على تراجمه وقداسته. فقد تكون هذه الوظائف مشينة (البغاء-الربا-الرقص-التمثيل أحياناً) أو متميزة وتتطلب خبرة خاصة (الطب-الترجمة) أو أمنية وعسكرية (الخصيان- المماليك) أو لأنها تتطلب الحياد الكامل (التجارة وجمع الضرائب). وقد يلجأ المجتمع إلى استخدام العنصر البشري الوظيفي لملء فجوة أو ثغرة تنشأ بين رغبات المجتمع وحاجاته من ناحية، ومقدرته على إشباع هذه الرغبات والوفاء بها من ناحية أخرى (الحاجة إلى مستوطنين جدد لتوطينهم في المناطق النائية-الحاجة إلى فتيات يقمن بوظائف جديدة في المجتمع لا يعدها المجتمع محترمة كالعمل في السينما والملاهي الليلية). كما أن المهاجرين عادة ما يتحولون إلى جماعات وظيفية (في المراحل الأولى من استقرارهم في وطنهم الجديد) ذلك لأن الوظائف الأساسية (في الزراعة والصناعة) في وطنهم الجديد عادة ما يكون قد تم شغلها من قبل أعضاء الأغلبية.

ويتسم أعضاء الجماعة الوظيفية بأن علاقتهم بالمجتمع علاقة نفعية تعاقدية، إذ ينظر إليهم باعتبارهم وسيلة لا غاية، دوراً يُؤدى أو وظيفة تُؤدى. وهم يُعرّفُون في ضوء الوظيفة التي يضطلعون بها لا في ضوء انسانيتهم المتكاملة. وأعضاء الجماعة الوظيفية عادة ما يكونون عناصر حركية لا ارتباط لها ولا انتماء، تعيش على هامش المجتمع ويقوم المجتمع في الوقت نفسه بعزلهم عنه ليحتفظ بمتانة نسيجه المجتمعي، ولذا فهم يعيشون في جيتو خاص بهم في حالة اغتراب. وهم بسبب عزلتهم وعدم انتمائهم، وعدم وجود جذور لهم بين الجماهير أو المجتمع عادة ما يشعرون بعدم الأمن

فالجامعات اليهودية في الغرب – وهي جماعات وظيفية – لا يمكن فهمها على إنها جزء يتجزأ وله خصوصيته، ولا على أنها أقلية من شأنها شأن كل الأقليات وكذلك الدولة اليهودية هي دولة وظيفية يستخدمها الغرب لحقيق أغراضه في المنطقة وحيث أن جوهر وجود الجماعة الوظيفية ينبع من أهمية دورها فالأمر كذلك بالنسبة لإسرائيل.


العلمانية الشاملة
التي تتميز عن العلمانية الجزئية بأن العلمانية الجزئية تترك مجالاً للقانون الإنساني (الأخلاقي والديني) ومن ثم تسمح بقدر من الثنائية والانفصال بينهما. (العلمانية الجزئية هي التي تعني فصل الدين عن الدولة). ولكنها تلزم الصمت حيال المفاهيم المطلقة والحياة الخاصة والمرجعية النهائية للقرارات السياسية والاقتصادية، وتترك حيزاً واسعاً للقيم الأخلاقية والدينية ما دامت لا تتدخل في عالم السياسية بالمعنى الفني

الحلولية
الخيط الذي يمكن أن يجمع بين نظريات المسيري الفلسفية هي إيمانه بأن الإنسان ظاهرة مركبة ومعقدة لا يمكن أن تُرَد إلى مستوى الطبيعة/المادة الأدنى والبسيط، فالطبيعة/المادة يمكن أن نفهمها في شكل نظريات وقوانين رياضية (قوانين الفيزياء والكيمياء والعلوم المختلفة). أما الإنسان فلا يمكن أن يفهم في هذه المعادلات والقوانين المادية. لأنه نظام مركب ومعقد.

موسيقى دكتور المسيرى المفضلة
الموسيقى الكلاسيكية الغربية والشرقية موسيقى الباروك
واعمال موزارت تشايكوفسكى برامز وفيفالدى


مقتطفات شعرية

اين اذن نجد الحزن العميق؟
يرى الشاعر انه لا تستطيع ان تجده الا فى الفرح العميق ذاته
ومن يريد ان يجرب الحزن فعليه ان يغذى ناظريه بمظاهر الجمال
التى ستبعث فى نفسه الفرح والحزن ذاته الفرح لوجود مظاهر الجمال والحزن لانها زائلة

اتخم حزنك بوردة الصباح
او بقوس قزح على وجه الرمال المالحة
او بخصوبة الثمار المستديرة
او اذا اظهرت حبيبتك فيضا من الغضب
فلتحبس يدها الرخيصة ولتدعها تهيج غاضبة
ولتنهل عميقا من عينيها الفريدتين

ان ربة الحزن تقطن مع ربة الجمال وليس مع البوم او الظلمة او بجوار اشجار السرو



قصة

كان هناك فنان يعيش في مدينة كورو ، دائب المحاولة للوصول إلى الكمال. وذات مرة تراءى له ان يصنع عصا. وقد توصل هذا الفنان إلى أن الزمان عنصر مكون للعمل الفني الذي لم يصل بعد إلى الكمال ، أما العمل الكامل فلا يدخله الزمان أبداً.فقال لنفسه: سيكون عملي كاملاً من جميع النواحي، حتى لو استلزم الأمر ألا أفعل شيئًا آخر في حياتي.

فذهب في التو إلى غابة باحثاً عن قطعة من الخشب ، لأن عمله الفني لا يمكن أن يصنع من مادة غير ملائمة. وبينما كان يبحث عن قطعة من الخشب ، ويستبعد العصاة تلو الأخرى، بدأ أصدقاؤه تدريجيًا فيا لتخلي عنه ، إذ نال منهم الهَرَم وقضَوا. أما هو، فلم يتقدم به العمر لحظة واحدة، فوفاؤه لغايته وإصراره وتقواه السامية أضفت عليه ، دون علمه، شبابًا أزليًا. ولأنه لم يهادن الزمن ، ابتعد الزمان عن طريقه ، ولم يسعه إلا أن يُطلق الزفرات عن بعد، لأنه لم يمكنه التغلب عليه. وقبل أن يجد الفنان العصا المناسبة من جميع النواحي ، أضحت مدينة كورو أطلالاً عتيقة، فجلس هو على أحد أكوامها لينزع لحاء العصا. وقبل أن يعطيها الشكل المناسب ، كانت أسرة كاندهار الحاكمة قد بلغت نهايتها ، فكتب اسم آخر أعضائها على الرمل بطرف العصا، ثم استأنف عمله بعد ذلك. ومع انتهائه من تنعيم العصا وصقلها لم يعد النجم كالبًا في الدب القطبي. وقبل أن يضع الحلقة المعدنية ( في طرف العصا لوقايتها) ، وقبل أن يُزَيّن رأسها بالاحجار الثمينة كانت آلاف السنين قد مرت. وكان براهما قد استيقظ وخلد إلى النوم عدة مرات.

وخينما وضع الفنان اللمسة الأخيرة على العصا، اعترته الدهشة حين تمددت العصا بغتة أمام ناظريه لتصبح أجمل المخلوقات طُرًا. لقد صنع نسقًا جديدًا بصنعه هذا العصا ، عالمًا نِسَبُه كاملة وجميلة، وقد زالت في أثناء صنعه مدن وأسَر قديمة، ولكن حلت محلها مدن وأسر أكثر جلالاً. وقد رأى الفنان الآن وقد تكومت عند قدميه أكوام النجارة التي سقطت لتوها راى أن مرور الوقت في السابق بالنسبة له ولعمله كان مجرد وهم، وأنه لم يمر من الوقت إلا القليل.










… (lisätietoja)